الأهلون الكرام
منذ أن بدأنا تنفيذ حلمنا بافتتاح صرح بعلبك الأهلية التربوي كان أملي أن تستحوذ هذه المؤسسة على ثقتكم وثقة أهلنا في بعلبك وقد كان وسيبقي رجائي إضاءة شمعة جديدة تنير الطريق أمام طلابنا في هذا الليل الحالك الظلام
أن التنور بنور العلم والمعرفة هو السبيل للوصول إلى الحقيقة المؤدية إلى بناء جيل سليم ومعافى ومن خلال عمليتي التربية و التعليم تتطور الأمم وتسمو نحو مدارك جديدة من هنا كان على المدرسة عبء ومسؤولية كبيرة في تنشئة الأجيال وتربيتها وتثقيفها وبعث روح المحبة والتضامن كي نصل إلى المجتمع تسوده العدالة في والمساواة وإلى قيام وطن نعتز ونفتخر به جميعا، وأقول صادقا أنه لم تكن غايتنا يوما أن نضيف مدرسة جديدة إلى مجمل المدارس في بعلبك، بل هي أولا وقبل كل شيء تحقيق حلم قديم راود وبدأ واقعا مع أجدادنا وأهلنا في بعلبك في مطلع العشرينيات من القرن الماضي الكثير منكم أيها الأهلون لا يعلم أن جمعيتنا التي أنجزت بناء هذه المدرسة في امتداد الجمعية المساعي الخيرية التي جمدت عام ١٩٢٤ قبل أن تبصر النور بعد أن أقدمت المفوضية الفرنسية على رقص الترخيص للمدرسة الوطنية، فما هي قصة المدرسة الوطنية في بعلبك؟
لا ابالغ إذا قلت أن المدرسة الوطنية هي أول مدرسة أنشئت بعد المدرسة الأسقفية أي مدرسة المطران
في تلك الفترة من الزمن تداعي نفر من أهالي بعلبك إلى فتح مدرسة لتعليم أولادهم وفتحت
المدرسة وباشرت التعليم
في۱٢ شباط ۱۹۲۳، قدم طلب بترخيصها بواسطة قائمقام بعلبك وبعد مرور أقل من سنة على طلب لترخيص صدر قرار عن المفوضية الفرنسية العليا بتاريخ ٢٦ كانون الثاني ١٩٢٤ برفض طلب الترخيص لها تحت ذريعة أن المدرسة تبث الروح الوطنية في صفوف طلابها وأن الجمعية اي جمعية المساعي الخيرية التي كان من المفترض أن تشرف على إدارة المدرسة هي جمعية فوضوية إضافة إلى غيرها من
التهم التي لا مجال لذكرها الآن
اقفلت المدرسة وتشرد طلابها وأساتذتها وكان أبرزهم الشيخ توفيق الصاروط والأستاذ سعيد درة
والأستاذ نهرا المعلوف
كان التمويل لتأمين احتياجات المدرسة ورواتب معلميها يتم عبر تبرعات شهرية وسنوية من أهالي بعلبك ولا بأس من ذكر بعض أسماء المتبرعين وذلك على سبيل المثال لا الحصر ولعل أبرزهم عباس خليل ياغي - محمد حسن شومان - عبد الغني ياغي - ديب مهدي مزعل - صالح محمد الزين -
عبد الرزاق سنبلة - مصطفى عقيل حيدر - مصطفى أمين مرتضى حسين على مصطفى عبد السائر - الشيخ حسن علاء الدين - السيد علي زين الموسوي - محمد يوسف عقيل حيدر - محمد ياسين الطفيلي - عبد اللطيف عثمان - ابراهيم حسن عثمان - حسن مهدي قانصو وكثيرون غيرهم وجميعهم أصبحوا في ذمة الله
لا أريد الإطالة في هذا الصدد بل أود أن أشير فقط إلى أن الجمعية التي رفض الترخيص لها قبل أن تتقدم يطلبها قد تغير اسمها فيما بعد وسميت بالجمعية الخيرية الإسلامية الجعفرية
أثناء فترة التحديد والتحرير، شجلت عقارات الجمعية باسم الجمعية الخيرية الإسلامية الشيعية فأملاك الجمعية ملك خاص ولا علاقة لها بأية أوقاف كما يحاول البعض أن يردد
توقف عمل الجمعية لفترة طويلة وفي عام ١٩٥٩ جدد المرحوم والدي محمد عباس باغي الترخيص للجمعية وبدأ بمعاونة بعض أعضاء الهيئة الإدارية ومنهم المرحوم محمد يوسف مرتضى والمرحوم المختار حسين على صالح عثمان والمرحوم سعيد عثمان والحاج حمودي عواضة والسيد عدنان عبد السائر والحاج محسن القرصيفي والمرحوم الحاج أحمد الطفيلي بإقامة بعض الإنشاءات في أملاك الجمعية وكانت باكورة أعمالهم بناء جامع الإمام علي والمدرسة الإبتدائية وبناء هيكل الثانوية تحتفل الآن ولكن الأحداث الأليمة وبعض الظروف القسرية حالت دون إنجاز البناء، ولا بد لنا من الإشادة بدور الرئيس الفخري للجمعية دولة الرئيس حسين الحسيني ومد يد العون لها.
خلال عام ٢٠٠٤، استعادت الجمعية المدرسة وبعض العقارات الأخرى وبدأت باستكمال هذا الصرح في عهد رئيس الجمعية المحامي غالب ياغي ومن استمر معه من أعضاء الهيئة الإدارية.
كانت الجمعية تنوي إفتتاح المدرسة كي تستكمل رسالتها ولكن ضعف الإمكانات المادية كانت العائق الأساسي إلى أن استطعت وبدعم وتشجيع من زملائي في جمعية العمل من أجل لبنان، الإقدام على
إستكمال الأشغال وفتح المدرسة أمام الطلاب، كان الهدف الأول هو الإصرار على فتح المدرسة.
أما الهدف الثاني، فهو محاولة الارتقاء بالمستوى التعليمي بشكل متميز ومتناسب مع روح العصر ومع
ما في ثقافتنا من جوانب خلاقة ومشرقة.
إن المساهمة والعمل لحلق جيل جديد منفتح على العلم والمعرفة متمتع بروح المواطنية الحقة هو هدف لنا لكي نسهم مستقبلاً كل منا في بناء مجتمع مدني بعيد عن الفردية والعصبية بكل أشكالها وألوانها.
فلبنان يحتاج منا جميعاً إلى وقفة شجاعة ليكون لنا وطن حرا سيدا ومستقلا